يعد التراث الشعبي من عاداتٍ وحرف وملابس ومأكولات وفنون شعبية.. من أهم عناصر الهوية في أي مكان. وهو وإن تباينت أشكاله وألوانه، يوثّق مختلف المراحل التي مرّت بها المجتمعات، يعبّر عن مراحل تاريخية مختلفة مرّت بها الأمم، وينبئ عن عاداتها وأساليب حياتها، وتدخل الأزياء ضمن عناصر منظومة متكاملة من الموروثات الشعبية التي كانت في القديم، تميز سكان مختلف مناطق المملكة.
تقرير: نجاة الوحيشي
تزخر المملكة العربية السعودية لاتساع رقعتها الجغرافية وتنوّع بيئتها الطبيعية، بأنماط من الأزياء يصعب حصرها، وتختلف من منطقة إلى أخرى، أشكال الملابس التي ترتديها النساء على وجه الخصوص، وألوانها ومكمّلاتها، وتتعدّد تبعًا لذلك مسمّياتها. ذلك أنّ أزياء المناطق ترتبط ارتباطًا وثيقًا من حيث الخامات والتصاميم والألوان والزينة.. بطبيعة البيئة التي أفرزتها، واختلاف ثقافتها وعاداتها.
الأزياء التقليدية مجال أبدعت فيه المرأة في المملكة بصورة أبرزت قدرتها على حسن استخدام ما توافر في بيئتها، فقد برعت في الغزل والقصّ والحياكة والخياطة، وفي اختيار الخامات والألوان والزخارف.. ونجحت إلى حدّ بعيد وبشكل عفوي، في توظيف الخامات المتاحة والمتمثلة في الصوف والقطن، وابتكرت بذوقها الفطري، أساليب عديدة في الزخرفة والزينة على الرغم من شح الوسائل والأدوات البدائية.
وقد تعددت تصاميم الأزياء في القرى والهجر، وتباينت أشكالها تبعًا للبيئة التي تحتضنها، ما بين جبال وسهول وأودية ومناطق ساحلية، وصحاري.. فتميزت فساتين المرأة في عسير بألوانها الزاهية، وكذلك أزياء المناطق القريبة من البحـر، في انسجام عفوي مع طبيعـة البيئـة البحـرية..
أثبتت المرأة أنها فنانة بالفطرة، إذ ابتكرت أساليب تضفي لمسة جمالية على ملابسها، كان التطريز الذي تعددت أشكاله وأساليبه، أبرزها. كما استعانت بالخرز، وتفننت في انتقاء حبّاته وألوانه وتقنيات نظمه. أما في المناطق الساحلية، فكانت الأصداف ثروة لا تنضب، وزينة متاحة.
تشمل الملابس النسائية التقليدية أزياء للاستخدام اليومي وأخرى للخروج والمناسبات، منها الثوب بأنواعه، أو الدراعة، والعباءات التي تغطي الجسم بكامله، وأغطية للرأس والوجه.. إضافة إلى مكملات الأزياء من زينة وحلي.
هو الزي الرئيس التقليدي للمرأة في المناطق الشمالية والشرقية والوسطى. وهو ثوب فضفاض يصل طوله حتى الكعبين، تُخاط فيه (البنيقه) على الجانبين، لتمنح الاتساع اللازم لحرية الحركة وتخفي تقاطيع الجسم. أما الأكمام فطويلة، تبدأ واسعة عند الكتف، ثم تضيق تدريجيًا حتى تصل إلى الرسغ. من أشهر ألوان الدراعة البرتقالي والقرمزي والحلبي.
هو القطعة الأساسية في الملابس الخارجية في المنطقة الغربية. يصنع من قماش الساتان أو القز الهندي بحسب الرغبة الشخصية، بياقة مرتفعة وكم قصير يصل حتى الكوع.
ثوب متسع يلبس فوق الدراعة في المناطق الوسطى والشرقية والشمالية، وفوق «زبون» المنطقة الغربية. وهو من الملابس الأساسية التي كانت المرأة لا تستغني عنها.
هو الثوب المميز للمرأة في عسير. سمي بذلك لوجود قَصة فوق الورك تنزل منها قطع جانبية ليزداد اتساع الثوب. كان «المجنب» يصنع من أقمشة مختلفة أبرزها القطن الأسود والستان أو القطيفة (المخمل)، ويطرز بخيوط حرير متعددة الألوان، عند الصدر والأكمام وعلى طول خياطات الجنب.
من الثياب العسيرية أيضًا. يصنع من قماش الخام بلونه الطبيعي، تزين صدره وظهره كلفة من القطن الأسود. وقد يطرز الصدر بخيوط ملونة من الحرير الأحمر على شكل خطوط متكسرة.
ترتديه النساء في منطقة الباحة.
زي مفتوح من الأمام، مع فتحتين صغيرتين على الجانبين. يغلق الجزء العلوي منه بأزرار دائرية الشكل، من القماش أو القصب (الزري)، تثبت بعراوٍ خارجية من القماش نفسه، ويترك الجزء السفلي مفتوحًا.
تلبسه الفتيات الصغيرات. وهو غطاء أسود للرأس يتكون من قطعه قماش حرير أسود الشفاف يخاط كامله إلا فتحة للوجه، وتطرز بخيوط الحرير والأسلاك الذهبية أو الفضية. وثياب أخرى عديدة، منها ثوب النقدَة، والكرته، والمُفحّحْ، وهو رداء مكون من قطع طولية وعرضية ملونة.
وهي أنواع عديدة حسب الخامة وما يلحق بها من تفاصيل، وإضافات، فهناك:
كانت المرأة في المناطق الشمالية والشرقية والوسطى تستخدمها عند الخروج، كما تلبسها العروس فوق ملابسها ليلة العُرس. وهي رداء طويل فضفاض مفتوح من الأمام، كان في القديم يصنع من الصوف الخشن ثم أصبح من الصوف الناعم، وبعد ذلك من الأقمشة المصنعة أليًّا، ويزيّن بخيوط الحرير السوداء أو الزري (التعصيم). ومن أشهر العباءات: عباءة فيصول و«الدوك» و«ونيشه» و«دقاق شمال».
عباءة نساء البادية في شمال غرب المملكة. تصنع من قماش أسود وتزين بالتطريز والخرز الملون.
أغطية الرأس في سائر الأيام: المسفع، العصابة، المحرمة، المدورة، القناع، البيرم..
وتسمى أيضًا الغدفة. من أغطية الرأس الأساسية والأكثر استعمالاً في معظم المناطق. وهي قطعة مستطيلة من قماش قطني خفيف أسود خالية من أي زينة أو تطريز، تلفها المرأة حول رأسها مع كشف الوجه. ومن أنواعها (المشنفة، شيلة التلي، المريشة).
مثلث صغير من قماش الفوال الأبيض أو الكروشيه، في زاويتيه الجانبيتين خيطان من القيطان لتثبيته خلف الرأس.
قطعة مستطيلة يختلف طولها تبعًا لطول الشعر. تصنع من الشاش الأبيض المعروف باسم فرخ اليشمك.
مربع من قماش اليشمك، تزينه ورود ملونة مطبوعة على الأطراف، تختلف ألوانها وزينتها بحسب المناسبة.
قطعة مستطيلة الشكل من الشيفون الطبيعي الأسود، ترتديها الفتيات بدلًا من الشيلة.
تلبسها نساء البادية في شمال غرب المملكة، بأشكال وخامات متعددة. منها ما يصنع من الجلد ويزين بخرز الفضة.
غطاء مستطيل من القطن الأسود السميك له هدب على الأطراف ترتديه المرأة المتزوجة فوق المنديل فتلفه حول وجهها وتثبته في الجنب تاركة الوجه مكشوفًا.
مثلث من قماش قطني خفيف أحمر أو برتقالي اللون، تزيّنه ورود مطبوعة، يوضع على الرأس ويربط من الأمام تحت الذقن، أو من الخلف. كانت الفتاة قبل الزواج، تكتفي بالمنديل كغطاء للرأس. وترتديه نساء المنطقة الجنوبية.
قبعة كبيرة تصنع من سعف النخيل (الخصف)، تستخدم للحماية من الشمس، وتلبس فوق غطاء الرأس القطني، وترتديها النساء والفتيات في منطقة عسير عند ممارسة الزراعة، أو رعي الأغنام للوقاية من الشمس.
ومنها: البرقع والغمرة والبيشة واللثام أو النقاب..
كانت المرأة الحجازية تستخدم أنواعًا متعددة من النقاب، منها نقاب من القطن الناعم من نسيج فضفاض وضفائر بيضاء تتدلى منها عملات معدنية مثبتة فوق ثنية ذات غرز، ونقاب أحمر ذو ضفائر فضية وبيضاء بعملات وأقراط فضية تتدلى من ثنية قطنية، وآخر من الحرير البرتقالي تزيّنه الضفائر البيضاء والخرز الأبيض والفضي.. ويظهر الخرز بصورة مكثّفة في نقاب نساء عسير، بألوان متعددة تتماشى ولون التحلية والتوشية.
غطاء أسود للوجه فيه ثقبان يظهران العينين. يصنع البرقع في مكة المكرمة من الدرابزون الأبيض، ويتكون من قطعتين مستطيلتين تثبتان بقطع خارجية تسمى الخدود والخشم.
كانت تصنع من التفتة السوداء يزينها خيطان أبيضان من الأعلى والأسفل بالعرض، ويثنى الطرفان الجانبيان بحبكة من الحرير الأسود. تلبس الملاية فوق البرقع بحيث تغطي الجبهة، وتثبت حول الرأس بمشبك من الداخل ثم تسحب المرأة الطرفين الزائدين لتغطي بهما الكتفين ومنطقة الصدر.
الأزياء التقليدية تراث قومي يميز الشعوب، ويساعد على فهم أوجه عديدة من حياتها، والتعرَّف على العادات والتقاليد التي انعكست بصورة واضحة عليها.
من هذا المنطلق، أصبحت دراسة تاريخ الأزياء التقليدية وخاماتها وأساليب زينتها.. علمًا قائمًا بذاته، ينكب عليه المتخصصون وتخصّص له الجامعات شعبًا ومناهج تنفذها في المملكة، كليات الاقتصاد المنزلي والتربية الفنية، وأصبحت الرسائل والأبحاث التي تهتم بها تعتمد كمراجع قيّمة يتم توثيقها ودعمها من الجهات المختصة، من أجل رفع الوعي بالهوية الثقافية، وتوظيف هذا الموروث بتصاميمه وزخارفه في ابتكارات حديثة تناسب المرأة السعودية وتحافظ على الملابس التقليدية من الاندثار.
وللمزيد من المعلومات :