تاريخ التعليم في السعودية

الشيخ محمد علي زينل مؤسس مدارس الفلاح

قبل توحيد المملكة العربية السعودية، لم يكن هناك أي وجود لأي نظام تعليمي للمراحل التعليمية، فالتعليم حينها كان يقتصر على الكتاتيب بشكل عام، وكان المنهيج الدراسي يعتمد على حفظ القرآن والقراءة والإملاء والخط والحساب. وكان وجود المدارس قليل وينحصر على أماكن معينة، فكان المدارس إما أسسها العثمانيون أوالهاشميون، أو مدارس أنشئت بجهود المواطنين في ذلك الوقت، ومن تلك المدارس :

  • المدرسة  الصولتية: أنشأها أحد علماء الهند بدعم من سيدة هندية اسمها (صولت النساء)، وذلك عام 1291هـ.
  • المدرسة  الفخرية: أنشأها أحد أساتذة المدرسة الصولتية، الشيخ عبدالحق قاري عام 1296هـ.
  • مدارس الفلاح: (مدرستان) وأنشأها الحاج محمد علي زينل عام 1323هـ.
  • المدارس الهاشمية: أسسها الشريف الحسين بن علي عام 1334هـ، بدأت بالمدرسة الخيرية التحضيرية، ثم مدرستين أوليتين، ثم المدرسة الراقية وهي أعلى، ثم المدرسة العالية وهي مدرسة ثانوية.

وعلى سبيل المثال فالمدرسة الصولتية مدتها أربعة عشرة سنة، تحتوي على أربع مراحل تعليمية، تأخذ التقسيم التالي: تحضيرية 4 سنوات، ابتدائية 4 سنوات، ثانوية 4 سنوات، عالية سنتان. وهذه الأخيرة تقابل التعليم الجامعي حاليًا.

أما أول مدرسة ثانوية أنشئت في عهد الدولة السعودية الحالية فكانت  ممثلة في المعهد العلمي السعودي الذي افتتح في مكة المكرمة عام 1345 هـ(1926) ومدة الدراسة فيه أربع سنوات لأعداد معلمي المرحلة الابتدائية، ثم زيدت الدراسة فيه إلى خمس سنوات عام 1366 هـ وكان الطالب الناجح من السنة الثالثة يمنح شهادة تسمى (شهادة القسم التجهيزي) أما بعد اجتياز السنة الخامسة فيمنح شهادة قسم المعلمين الثانوي.

غير أن البداية الحقيقية للتعليم الثانوي بمفهومه الحديث الذي يعد لاستكمال الدراسات الجامعية، فقد كان في عام 1355هـ بافتتاح مدرسة تحضير البعثات في مكة المكرمة، ومدة الدراسة فيها ثلاث سنوات،  يلتحق فيها من حمل شهادة المعهد العلمي السعودي، ثم زادت مدة الدراسة فيها إلى خمس سنوات عام 1364 هـ وقسمت إلى قسمين: مرحلة الكفاءة الثانوية ومدتها ثلاث سنوات، والمرحلة الثانوية وهي سنتان، ثم زادت سنة  لتصبح الدراسة الثانوية ثلاث سنوات.

تعود بداية التعليم في السعودية رسمياً (الدولة العثمانية سابقاً) إلى عام 1932 ميلادية، وقبل ذلك كانت محدودة على مايسمى الكتاتيب. حالياً، يبدأ التعليم العام في السعودية من التعليم الابتدائي مرورًا بالمتوسطة حتى التعليم الثانوي وهي متاحة لجميع المقيمين في المملكة العربية السعودية. ومع ازدهار الحياة الاجتماعية والإقصادية في المملكة، أصبحت ثقافة التعليم المدرسي منتشرة عند أغلب المواطنين. و في دارسة أقيمت عام 1996 ميلادية، بينت أن ما يقارب 61% من الأطفال ينتظمون في الحضور إلى المدرسة الأسس العامة التي يقوم عليها التعليم. وكان للجهود الكبيرة التي تبذلها الحكومة والميزانيات الضخمة أكبر الأثر على الاقبال على التعليم وتنوع نظم التعليم (نظام المقررات، نظام الفصلي) بعد أن كان توفر نظام تعليمي واحد فقط (نظام السنوي) وهو خيار وحيد أمام الطالب.

وزارة المعارف

منهج تعليمي لكتاب الفيزياء طبعت في عهد العاهل السعودي فهد بن عبدالعزيز

منهج تعليمي لكتاب قواعد اللغة العربة في عهد الملك فهد بن عبد العزيز

كان الملك عبدالعزيز يؤمن بأن التعليم أحد الأسس الرئيسة لركائز قيام أمة قوية، فقام بإنشاء مديرية المعارف بعد اجتماعه مع العلماء في مكة[3]، وأنشئت المديرية في رمضان عام 1344هـ، مارس/آذار عام 1923م[4] [5]اتخذت مكة مقراً لها. وعندما أُنشئت كان عدد المدارس في المملكة العربية السعودية لا يتجاوز أربعة مدارس، وكان إشرافها يقتصر على شؤون المدارس وكليات الشريعة فقط في جميع أنحاء البلاد[3]. وقامت بافتتاح 12 مدرسة في أهم مدن الحجاز، ثم امتد نشاطها للأحساء ونجد. وابتدأ التدريس رسمياً في بداية شهر محرم عام 1345هـ/يوليو 1926م[3]. وفي العام نفسه تم تأسس المعهد العلمي السعودي، وتأسست مدرسة تحضير البعثات في عام 1355هـ/1936م، والتي تهدف لإرسال الطلاب السعوديين للدراسة في البلدان العربية. تم إرساء النظام الخاص بمديرية المعارف في عام 1357هـ1938م، حيث تنظمت طريقة الإشراف وصدر نظام المدارس الأهلية، وأصبحت تُشرف على جميع شؤون التعليم في المملكة، باستثناء التعليم العسكري. في عام1372هـ/1952م بلغ عدد المدارس إلى 306 مدرسة. وبعد مايقارب نحو 29 عاماً من تأسيس مديرية المعارف العمومية، تم تأسيس وزارة المعارف تحت مرسوم ملكي وذلك في 18 ربيع الثاني 1373هـ/ 24 ديسمبر 1953م والتي تولى إدارتها فهد بن عبد العزيز آل سعود فكان أول وزير لها[6] واستمر حتى عام 1960م. كان من أبرز العقبات التي واجهتها الوزارة هي تباعد مناطق المملكة وتعددها، وإيجاد معلمين سعوديين، وبناء وتجهيز المدارس وتحضير الأدوات المدرسية، فتم رصد ميزانية تبلغ 12,800,000، وفي خلال سنة واحدة قفزت حتى وصلت إلى 48,596,152 ريال، وتضاعفت الميزانية بعد عشر سنوات من إنشاء الوزارة حتى بلغت أكثر من 301 مليون ريال. و بلغت الميزانية في عام 1972م 711,377,892 ريال، حيث كان يُصرف على الطالب الواحد أكثر من 2150 ريال في العام، وبلغ عدد الطلاب مدارس وزارة المعارف في وقتها 432,864 طالباً.

لم تقتصر جهود وزارة المعارف على التعليم العام فقط، فقد أهتمت في إنشاء مدارس التعليم الفني (الصناعي، الزراعي، التجاري) ومجال محو الأمية وتعليم الكبار، وتعليم ذوي الإحتياجات الخاصة[7].

وفي عام 1390هـ/1969م، صدرت سياسة التعليم في المملكة، حيث حُددت الأسس العامة التي يقوم عليها التعليم، وأهداف مراحل التعليم، والتخطيط لمراحل التعليم ابتداءاً من دور الحضانة ورياض الأطفال وصولاً للتعليم العالي، واشتملت على الأحكام الخاصة التي تتعلق بالمعاهد العلمية، وتعليم البنات، والتعليم الفني، واعداد المعلم، ومدارس القرآن الكريم ومعاهده، والتعليم الأهلي، ومكافحة الأمية وتعليم الكبار، والتعليم الخاص بالمعوقين، ورعاية النابغين[7].

تعليم البنات

Saudi arabian mathematics class.jpg

كان يسود الإعتقاد لدى عامة الناس بأن تعليم الفتاة يعتبر من المحرمات، ودعوة للانحلال والفجور وإفساد الأخلاق وفتح باب للفساد والرذيلة.[8][9]، بالرغم من ذلك كان هنالك تعليم متاح للبنات عبر الكتاتيب، والمدارس الأهلية[3] أو عبر السفر خارجاً للتعلم[10]. وكانت الكتاتيب النسائية منتشرة في منطقة مكة المكرمة، والمدينة المنورة، وجدة والقطيف[11]، وفيها تقوم سيدة، أو مجموعة من السيدات بتعليم القرآن، ومبادئ الكتابة، والحساب، والخياطة والتطريز في بيوتهن، وذلك بنفقة الأهالي. ويلتحق بالكتاتيب النسائية الذكور والإناث على حدٍ سواء، إلا أن نسبة الفتيات تغلب الذكور، وذلك لأنها مخصصة لهن[11]. ومن أشهر الكتاتيب في مكة: كتّاب السيدة آشية الذي تأسس في أوائل القرن الرابع عشر هجري، وكتاب الشامية، و المدرسة الصلوتية للبنات، وكتاب الفقيهة فاطمة البغدادية[12]. و في المدينة المنورة: مدرسة الفوز والنجاح، المدرسة الفخرية[12].

قام بعض الأهالي بتطوير بعض الكتاتيب لتحويلها إلى مدارس أهلية، وافتتحت 15 مدرسة وذلك بين الأعوام 1362-1378هـ، وتوزعت في كل من مكة، والرياض، و جدة، والدمام، وكان إجمالي عدد المدارس الأهلية وقتها يبلغ 33 مدرسة متوزعة على أنحاء المملكة، كانت تضم 6553 طالبة[7].

أسست عفت الثنيان زوجة فيصل بن عبدالعزيز آل سعود مدرسة دار الحنان بجدة على نفقتها الخاصة وذلك في عام 1375هـ/1955م وتضم 5 مراحل تعليمية: الحضانة، والتمهيدي، والإبتدائي والمتوسط والثانوي[10]. واسم المدرسة مستوحى من أمر قرآني للعناية بالفتيات، في عام 1957م أعطى فيصل الضوء الأخضر للصحافة بنشر أهداف مدرسة الحنان، أحد أهداف هذه المدرسة هو تنشئة أمهات على تربية إسلامية الجوهر، ومبنية على نظريات التعلم الحديثة، ولقيت المدرسة إقبالاً كثيراً، وعلى أثر ذلك فكرت الدولة بنظام رسمي يضمن تعليم البنات[3].

Female Saudi Classroom.jpg

Classroom in Saudi arabia.jpg

أقر الملك سعود بن عبدالعزيز آل سعود تعليم البنات في 21 ربيع الثاني، 1379هـ/24 أكتوبر، 1959م، حيث أصدر أمراً ملكياً بإنشاء مدارس لتعليم البنات بالمملكة، وتأسست الرئاسة العامة لتعليم البنات في صفر 1380هـ/تموز 1960م تحت رئاسة عبد العزيز بن ناصر الرشيد[13]، وأعتمدت ميزانية خاصة بها، وبدأ التعليم رسمياً في المدارس الحكومية في عام 1380هـ/1960م، وهكذا أتيح للإناث حق التعليم بعد إعتماده رسمياً من الحكومة. وتتولى الرئاسة العامة لتعليم البنات شؤون التعليم العام للبنات التي تشمل المراحل الابتدائية، والمتوسطة، والثانوية، ومعاهد إعداد المعلمات، وتعليم الكبيرات ومحو الأمية للإناث، ومراكز التفصيل والخياطة للإناث[14]. وافتتحت 15 مدرسة ابتدائية في عام 1380هـ/1960م ضمت 5180 طالبة، كما افتتح معهد لإعداد المعلمات ضم 21 طالبة من خريجات المدارس الأهلية الإبتدائية [13]. وافتتحت أول مدرسة ثانوية للبنات في عام 1383هـ/1963م وضمت 21 طالبة. وفي عام 1390هـ/1970م، افتتحت كلية التربية للبنات بالرياض والتحق بها 85 طالبة في السنة الأولى. وقد بلغ عدد مدارس البنات في عام 1972م 566 مدرسة، أما عدد الطالبات فبلغ 170,136 طالبة في المدارس الحكومية فقط، ويبلغ إجمالياً 182,187 طالبة في 650 مدرسة موزعين على المدارس الحكومية والأهلية[7]، وبحلول عام 1981م تساوى عدد الطالبات الملتحقات بعدد الطلاب[15]. ويبلغ عدد الطالبات الملتحقات بالمدارس 3,676,039 طالبة حسب إحصاء عام 2015م[16][15][15][15][15][15][14].

أدى سماح التعليم لخروج مظاهرات من قبل الأصوليين. في عام 1963م أرسل الملك فيصل جنوداً عندما افتتحت مدرسة في بريدة للسيطرة على المظاهرات[17]. وكان جلياً أن الملك فيصل يدعم حقوق المرأة التعليمية بالرغم من كل المعارضات التي لقيها، وحاول فيصل إقناع القبائل البدوية بأهمية تعليم المرأة[18]، غير أنه لم يستطع على إقناع الجميع، ولم يجبر أحداً على إلحاق بناتهم للتعلم في المدارس، ولكنه أصر على جعل التعليم متاح لمن أراده، في الوقت عينه، كان الملك فيصل يرى الحاجة لتثقيف شعبه للمفاهيم الإسلامية بخصوص التعليم النسائي. كان يقول كلما لاقى مقاومة: هل هنالك شئ في القرآن يمنع تعليم المرأة؟ وكان أيضاً يقول: ليس هنالك أي دليل على حجة أن الله يمنع التعليم على الطالب أو الطالبة المسلمة[15].

قبل الأصوليون تعليم البنات ولكن بضوابط وقيود معينة، بحيث يجب أن تكون المدارس محاطة بجدران طويلة، وستائر حاجبة خلف مدخل كل باب، وأن يتم وضع شخص أو شخصين بعمر يتراوح بين 50 إلى 60 للإشراف على هوية من يدخل للمدرسة، وبشكل عام لحراسة البنات الاتي في المدرسة حتى مجئ أبائهم أو أخوتهم[15]، وبحكم أن التعليم محافظ; فإن التعليم الرياضي للنساء غير متاح، ولكن في عام 2014م، أقرت وزارة التربية والتعليم قراراً يسمح بإدخال حصص التربية البدنية[19].

وقد أسست عفت، زوجة الملك فيصل نادي فتيات الجزيرة الثقافي، الذي تحول لاحقاً إلى جمعية النهضة في عام 1962م[20]، وتولت الجمعية في البداية مهام محو الأمية بين النساء، ثم توسعت حتى شملت رعاية الأيتام، وتعليم اللغتين الإنجليزية والفرنسية، والكتابة على الآلة الطابعة، وكانت من مهامها التالية أيضاً تنظيم ندوات ومحاضرات ورحلات، والإعتناء بالأسر الفقيرة، وتقديم الدورات المتقدمة في تعليم لغة برايل للكفيفات[21].

التعليم العالي

تعد جامعة الملك سعود أول جامعة في المملكة، وتأسست في 21 ربيع الثاني 1377هـ الموافق 14 تشرين الثاني، 1957م تحت المرسوم الملكي رقم 17، وبدأت الجامعة بكلية الآداب، ولم يتجاوز الطلاب حين إنشاءها على 21 طالب[7]، أما حالياً فهي تشمل على كليات الآداب والتربية، والعلوم والهندسة، وإدارة الأعمال، وعلوم الحاسب والمعلومات، والطب والصيدلة، واللغات والترجمة[22]، وقد بلغ عدد الطلاب 51,168 طالباً حسب تعداد عام 2015م[22].

الإسلام والتعليم

يعتبر الإسلام وقواعده من أهم الأساسيات التي يجب أن تدرس في المناهج السعودية. وعلى هذا جاء المبدأ العام في سياسة التعليم وهو "وتنمية الإتجاهات السلوكية البناءة، وتطوير المجتمع السعودي اقتصادياً واجتماعياً، وثقافياً، وتهيئة الفرد ليكون عضواً نافعاً في بناء مجتمعه".

نسبة الإناث في نظم التعليم

ارتفعت نسبة الإناث اللاتي ينتظمن في الحضور إلى المدارس من 25% من نسبة الطلبة في عام 1970 ميلادية إلى ما يقارب 47.5% من نسبة الطالبات في عام 2001 ميلادية. مع العلم أن القانون السعودي يحظر الاختلاط في المدارس ما بين الذكور والإناث.

نصيب التعليم من الميزانية

ازدادت حصة التعليم في الميزانية في عام 2004 ميلادية ما يقارب 28% من السنة الماضية. وكان نصيب التعليم التقني والمهني الأكثر من هذه الزيادة لسد الفراغ والحاجة للعمالة الأجنبية في السعودية.

تم عمل هذا الموقع بواسطة